ما هي أسباب الطلاق
الطلاق
يُعتبر الطلاق أحد القرارات الصعبة التي يمر بها الزوجين والتي تقضي بانفصاله عن شريكه، وهو أمرٌ شخصيّ يلجأ له بعض الأزواج في حال صعوبة الاستمرار في الحياة بشكلٍ هادئ ومُستقر مع الطرف الآخر، نتيجة العديد من المشكلات التي تعترضهم، والتي لا يستطيعون تجاوزها فتؤثّر في العلاقة بشكلٍ ملموسٍ وواضح، وقد تمس هذه التأثيرات باقي أفراد الأسرة بما فيهم الأطفال، فيكون الطلاق هو الخيار الصعب الآمن، الذي رغم آثاره وآضراره إلا أنه يظل أفضل من الاستمرار في علاقةٍ مؤذية، والبقاء في أجواء أسريّة فوضويّة، وبيئة منزليّة غير صحيّة.[١]
أسباب الطلاق
هُنالك العديد من الأسباب والعوامل المُختلفة التي تؤثّر بشكلٍ سلبي على العلاقات الزوجيّة، وقد تكون سبباً في الانفصال لاحقاً، ومنها ما يأتي:
التواصل الانسدادي وعدم فهم الأزواج لبعضهم البعض
تُشير العديد من الدراسات التي أقيمت على فئةٍ كبيرة من الأزواج المُطلقين إلى أنّ السبب الأساسي في طلاقهم هو الاتصال الانسدادي بينهم، والذي يعني عدم القدرة على التواصل معاً بشكلٍ إيجابيّ أو التحدّث بأسلوبٍ صحيح يُساعدهم على فهم بعضهم البعض جيّداً، مما يوصلهم بالنهاية لطريقٍ مسدود، كانعدام الحوار ورغبة أحدهم بفرض رأيه وعدم الاستماع لشريكه، مما يُسبب تراكم الخلافات والصراع الدائم بينهما، حيث إن نسبة الأزواج المُطلّقين بسبب انعدام التواصل كانت 53%، وهي نسبة عاليّة تعكس بوضوح آثار هذه المُشكلة وتوجب البحث عن حلول وأساليب توعيهم وتُساعدهم على تجاوزها.[٢]
اختلاف شخصيّة وحياة الشريكين قبل وبعد الزواج
تختلف مراحل العلاقات وتتدرج صعوباتها كلما تقدّم الشريكين في العمر معاً وزادت المسؤوليّة والمُتطلّبات الأسرية على عاتقهما، حيث إن طبيعة الحياة في بداية الزواج أو في مرحلة الخطوبة والتي تبدو ورديّةً ومُشرقة ومُكللةً بالتوقّعات والأماني المُزهرة قد تختلف عن الحياة العائليّة في ظل وجود الأطفال والأقارب والأسرة، الأمر الذي يجعل العديد من الأزواج يجدون صعوبةً في الحفاظ على شخصيّتهم ووعودهم الأوليّة التي تعهّدوا بها في بداية العلاقة، عندما تسرقهم الحياة وتُلهيهم، وتَشغل تفكيرهم أولويات وأهداف تتجدد بين الحين والآخر، وعندما تتراكم مسؤولياتهم وواجباتهم المُختلفة، الأمر الذي يجعل هذه العهود عديمة الشفافيّة، ويُشكك الطرف الآخر في صدقها، حتى إن البعض قد ينقضها دون أن يتذكر أنه تعهّد بها من قبل، مثل: الإخلاص والوفاء الأبدي، والاهتمام والأولويّة التي يُقسم بإهداءها في بداياته مع الحبيب، ومن جهةٍ أخرى تتراكم هذه التغيّرات مُسببةً ندبات في نفس الطرف الآخر قد تتحول أحياناً لجروحٍ عميقة تُشعره بأنه تعرّض للخداع والغش، أو أن زوجه قد تغيّر، أو أنه غير صادق ومن البداية ولم يمنحه ما توقّعه منه وما وعده به، مما قد يخلق فجوةً تُبعده عنه، وقد تجعله يرفض الاستمرار مع شخصٍ يراه مُزيّفاً.[٣]
سوء المُعاملة بين الزوجين
يُمكن أن يشتكي مُعظم الأزواج من تصرفات شُركائهم في مواقف مُعيّنة، لكنها قد تكون سبباً لتقريبهم من بعضهم لاحقاً عند التعامل بشكلٍ صحيح وفهم الطرف الآخر، لكن في بعض الحالات يكون التعامل بين الزوجين من الأساس غير صحيحٍ ويولّد مشاعر سلبيّة تظل عالقة لديهم وتُساهم في تفكيك العلاقة وقطع التواصل والانتهاء بإيذاء أحد أو كلا الطرفين وطلبه الطلاق، ومنها ما يأتي:[٤]
- النقد الهجومي: ويُقصد به تعمّد أحد الزوجين انتقاد تصرّفات أو شكل أو شخصيّة الطرف الآخر بطريقةٍ مُهينة أو مؤذية تولد لديه رد دفاعي لا إراداي عندما يشعر باستمرار التهديد و الهجوم من شريكه، خاصةً عندما يشعر بعدم احترام واهتمام الزوج بمشاعره، أو وإعطاءه فرصةً للتعبير والاستماع له، فينفر منه ويتجنّب التواصل معه بسبب تكراره هذه الأنماط السلوكيّة المؤذية.
-
تكرار السخرية والازدراء: وهي من السلوكيات المؤذية التي تُشكك الشريك في قدراته، وتُشبه التنمّر إلى حدٍ ما، عندما يُكرر أحد الزوجين التعامل باحتقارٍ مع شريكه وإشعاره بتفوّقه عليه، أو التقليل من قيمته وإظهار العداء له بأي شكلٍ سواء أكان شفوي، أو بصري، أو غيره، فيظهر كما لو أنه يسخر منه، في حين أن الأزواج الحقيقيين يُكمّلون ويدعمون بعضهم ولا يُشعرون بعضهم بالتعالي والكبر تحت أي ظرفٍ كان.
انعدام الشعور بالحب والقرب من الشريك
لا يقتصر التواصل بين الزوجين على الحقوق والواجبات الزوجيّة والأسرية التي تتعلق بالعمل والأبناء والأمور الماديّة والعائليّة والشخصيّة الأخرى، حيث يجب أن يكون هُنالك مساحة خاصة لهما للجلوس معاً وإحياء مشاعر الحب الحقيقية والعواطف الدافئة التي جمعتهما منذ البداية وساهمت في نجاح العلاقة وتكللها بالزواج، بعيداً عن زحمة الحياة وإزعاج الأطفال والمسؤوليات الأخرى، وهو أمر يُهمله العديد من الشركاء مع تقدم مراحل العلاقة، وقد كشفت بعض الدراسات الحديثة بأن نسبة 47% من الأزواج المُطلقين كان السبب في اختيارهم لقرار الطلاق هو انعدام الشعور بالحب والعلاقة الدافئة والعميقة والرومانسيّة مع الطرف الآخر، الأمر الذي يجعل الحب سبباً لإحياء العلاقة الزوجيّة وزيادة ثباتها وتماسكها، وشعوراً لا يجب الاستغناء عنه أو إهماله.[٥]
تراكم الخلافات وعدم إدارتها بطريقةٍ صحيحة
يُمكن أن يؤدي تراكم الخلافات والمشاكل الزوجيّة لتحوّلها لصراعاتٍ مؤذية تتسبب في حل الزواج وانفصال الطرفين في حال تعسّر البقاء معاً، والوصول لحلولٍ تضمن استقرار العلاقة واتزانها، ومن هذه الخلافات ما يأتي:[٦]
- الشؤون الماديّة: حيث يُصبح المال مُشكلةً تُهدد استقرار الحياة الزوجيّة عندما لا يستطيع الزوجين تغطية نفقات الأسرة وتلبيّة حاجاتها الاساسيّة على سبيل المثال، أو أن يتحكم أحدهما بالنفقات ولا يسمح للطرف الآخر بتشارك المسؤوليّة، وفي نفس الوقت يُعاني من سوء الإدارة والتسبب بضوائق ماليّة مُتكررة للعائلة.
-
تقاسم المسؤوليات والمساواة بين الزوجين: يُعاني العديد من الأزواج ممن يطلبون الطلاق من انعدام المساواة في الحقوق والواجبات والمسؤوليّات مع الطرف الآخر، بحيث يكون الضغط على أحدهما أكبر ويرفض الطرف الآخر المُشاركة بالمسؤوليّة، أو أن يتصرف تبعاً لرغبته ولرأيه ويرفض تلقي المُساعدة من الشريك، وهو أمر يترتب عليه آثار سلبيّة عديدة، مثل: غضب الزوج، واستياءه، وفقدان الاتصال الوديّ معه، وكثرة الخلافات والصراعات، فينتهي بطلب الطلاق والانفصال عن شريكه.
-
انعدام التوافق والانسجام: قد يكون هذا العامل سبباً قويّاً لإنهاء الزواج، خاصةً عندما يترتب عليه تعاسة الشريكين بسبب اختلاف أفكارهما، واهتماماتهما، ونمط وطريقة التفكير، وتنوّع الأحلام والأهداف بشكلٍ كبير جداً فيسعى كل منهما وراء سعادته ومصالحه بشكلٍ أناني بعيداً عن الآخر، فيتولد شرخ كبير يهدم العلاقة ويُمزّقها، كأن يرغب أحدهما بالسفر لتحقيق هدفه أو للعمل بينما يُريد الآخر البقاء، ويختلفان دون ترتيب مُنظّم للحياة الزوجيّة أو اتفاق بينهما، ويتصرف أحدهما بشكلٍ أنانيّ غير مسؤول.
نصائح وإرشادات هامة لتجنّب الطلاق
- محاولة الوصول لأسباب الخلافات والمشاكل وتدوينها على شكل قائمةٍ، ثم العمل على حلّها وإيجاد طرق مُختلفة لتجاوزها معاً بهدوء وتناغم.
-
التركيز على التغيير الإيجابي للذات بدلاً من الاندفاع والنقد والهجوم على الطرف الآخر معما كانت عيوبه، ومُحاولة إصلاح الشريكين لأنفسهما أولاً.
- إقامة الأنشطة الرومانسيّة الهادفة التي تجمع شمل الزوجيين، وتُحيي العلاقات الوديّة بينهما وتُريحهما من أعباء الحياة وصعوباتها قليلاً.
-
التنازل في بعض المواقف التي لا تُسبب الأذى للمرء في سبيل سعادة أسرته، والتمسّك بالرأي في بعض المواقف الأخرى التي تحتاج للحزم، خاصةً عندما يكون الشريك مُخطئاً ولا يُمكن مغفرة خطأه
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.